19-ومن شرف العلم وفضله أن الله أمتن على أنبيائه ورسله بما آتاهم من العلم انه دلالة على عظم المنة .
فذكر نعمته على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى " وِ أَنَزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وِ الحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ
عَلَيكَ عَظِيماً "[ النساء:113].
ووصف خليله إبراهيم -عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلام- بأنه كان أُمَّةً ،أى جامعا لصفات الكمال من العلم والعمل .
قال تعالى : "إِنَّ إِبرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ * شَاكِراً لأَ نَعُمِهِ "[ النحل :120-121].
وقال -جل وعلا - عن نبيه يوسُفَ -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - : "وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ءَاتَينَاهُ حُكماً وَعِلماً وَكَذَالِكَ نَجزِى المُحسِنِينَ "
[يوسف :22].
وقال فى كليمه موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - :" وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ءَاتَينَاه حُكماً وَعِلماً وِ كَذَلِكَ نَجزِى المُحسِنِينَ" [ القصص:114].
وقال فى حق المسيح ابن مريم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام -:" يَاعِيسَى ابنَ مَريَمَ اذكُر نِعمَتىِ عَلَيكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذ أَيَدتُّكَ بِرُوحِ القُدُسِ
تُكَلِّمُ النَّاسِ فِى المَهدِ وَكَهلاً وَإِذ عَلَّمتُكَ الكِتَابِ وِالتَّورَاةَ وَالإِنجِيلَ" [المائدة :110].
20- قال على بن أبى طالب :(ومن شرف العلم أن كل من نُسب إليه فرح بذلك ،وإن لم يكن من أهله ، وكل من دُفع عنه ونُسب إلى الجهل
عز عليه ونال ذلك من نفسه ، وإن كان جاهلا ).
21- ومن فضل العلم أن صاحبه معتبر قوله فى الشريعة ،فهو الناطق بالحق فى الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، لأنه أبصر الناس بالخير والشر.
قال تعالى: " قَالَ الَّذِينَ أُتُوا العِلمَ إِنَّ الخِزىَ اليَومَ وَالسُّوءَ عَلَى الكَفِرِينَ" [النحل:27] ،وقال تعالى :" وَقَالَ الَّذِينَ أُتُوا العِلمَ وِيلَكُم ثَوَابُ اللَّهِ
خَيرٌ لِّمَن ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الصَّبِرُونَ "[ القصص:80] .وهذه فى قصة قارون ، فالعلماء هم أبصر الخلق بمداخل الشر،ولذلك
كان لزاما عليهم بيان ذلك للناس .
قال تعالى :"لَولاَ يَنهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحبَارُ عَن قَولِهِمُ الإِثمَ وَأَكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسِ مَا كَانُوا يَصنَعُونَ" [المائدة :63].
22- ومن فضل العلم :أن صاحبه يصير بمنزلة الشارع من وجه.
قال -صلى الله عليه وسلم -: { تسمعون ويُسمع منكم ، ويُسمع ممن يسمع منكم }
- قال الإمام الشاطبى :( إن العالم شارع ،من وجه ،لان مايبلغه من الشريعة ،إما منقول عن صاحبها ،وإما مستنبط من المنقول .
فالأول : يكون فيه مبلغا .
والثانى :يكون فيه قائما مقامه فى إنشاء الأحكام ،وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع ،فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسب نظره واجتهاده ،فهو من
هذا الوجه شارع ،واجب اتباعه والعمل على وفق ما قاله ، وهذه هى الخلافة على التحقيق ).
23- ومن فضل العلم وأهله :أن عليه مدار النجاة.
عن أبى الدرداء - رضى الله عنه - قال: كنا مع النبى -صلى الله عليه وسلم - فشخص بصره إلى السماء ثم قال :
{ هذا أوان يُختلس العلم من الناس حتى لا يقدرون منه على شئ}.
فقال زيادبن لبيد الأنصارى : كيف يختلس منا القرآن ؟فوالله لنقرأنه ولنقرئنه أبناءنا ونساءنا .
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : {ثكلتك أمك يا زياد ،أن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة ،هذه التوراة والانجيل عند اليهود
والنصارى فماذا تغنى عنهم ؟!} .
فذهاب العلم بذهاب العلماء ،إذ ذهابهم هو الهلاك الحقيقى للأمم.
قال ابن عباس: أتدرون ما ذهاب العلم ؟ قالوا: لا.
قال :ذهاب العلماء .
وقال أيضا :( لا يزال عالم يموت ،وأثر للحق يدرس ،حتى يكثر أهل الجهل ،وقد ذهب أهل العلم فيعملون الجهل ،ويدينون بغير الحق ، ويضلون عن سواء السبيل ).
24- ومن فضل العلم :أنه يُحتاج إليه فى كل وقت وحين .
-قال الأمام أحمد :( الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يحتاج إليه فى اليوم مرتين أو ثلاثا ،والعلم يحتاج إليه فى كل وقت )
- فإن العلم نور الهداية، وبدونه لا يعلم كثير من الناس كيفية أداء الفرائض ولا جتناب المحارم ، ولا يعبدون الله على بصيرة ،فلولا العلم لفسد
عمل الناس ، والعلماء فى الارض كالنجوم يهتدى بها فى الظلمات ،وترجم الشياطين الذين يخلطون الحق بالباطل ،ويدخلون فى الدين ما ليس فيه
،وهم زينة الأرض ،فإنهم النجوم الحقيقية .
25- ومن فضل العلم : أنه لا يُحد نفعه.
- قال ميمون بن مهران :إن مثل العالم فى البلد كمثل عين عذبة فى البلد .
- وقال بعضهم : مثل العلماء مثل الماء حيثما سقطوا نفعوا .
- وقال الأمام أحمد فى وصف الشافعى -رحمه الله -: كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس ،فهل لهذين من خلف ،أو منهما عوض.
~*~*~*
نقلته لكم من كتاب { منطلقات طالب العلم }
للشيخ / محمد حسين يعقوب (حفظه الله).